بوعلام صنصال… خنجر الطابور الخامس بيد فرنسا
بقلم حاج حكيم
لا تزال فرنسا تُظهر إخلاصها لتقاليدها الإستعمارية القديمة، و لا سيما حين يتعلق الأمر بتوجيه الرسائل السياسية المغلفة بعباءة الثقافة وحرية التعبير. أحدث فصول هذه الرواية هو إثارة قضية الكاتب بوعلام صنصال، التي بدت أشبه بحملة إعلامية مدبرة هدفها الضغط على الجزائر.وللحكاية تفاصيلها المرتبطة بالحملة التي شنها الإليزيه والإعلام الفرنسي .وقد بدات الحكاية حين عبّر قصر الإليزيه، عبر تصريحات رسمية، عن “قلق عميق” بشأن مصير الكاتب صنصال، على أنه موجود في الجزائر. هاته التصريحات أُتبعت بدعوات علنية من الرئيس الفرنسي لتعبئة مؤسسات الدولة لمعرفة وضع الكاتب، متذرعًا بحمايته كـ”مثقف كبير”. وفي غضون ساعات، تحوّلت وسائل الإعلام الفرنسية إلى منصة لحملة ممنهجة، حيث شرعت صحف مثل لوموند .وماريان في نشر تقارير مكثفة، مدعومة بتغريدات وتصريحات سياسية، تصف فيها الكاتب بـ”رمز الحرية والعقلانية”.وعلى غرار ذلك ظهر دعم يميني وضغط سياسيمن أبرز الشخصيات التي دعمت صنصال كان رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب، الذي وصف الكاتب بأنه يجسد “القيم الفرنسية” من حرية وعقلانية وإنسانية. كما طالب بتفعيل كل الوسائل الدبلوماسية لاستعادته. كما دعا رئيس كتلة النواب الجمهوريين لوران فوكييه إلى استخدام كافة أدوات الضغط لإطلاق سراح الكاتب. أما مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف، فقد اغتنمت الفرصة لتطالب بتدخل حكومي سريع، في محاولة لاستعادة توازنها السياسي بعد الاتهامات الأخيرة بالفساد التي طالت حزبها.من هو بوعلام صنصال؟بوعلام صنصال، البالغ من العمر 75 عامًا، ولد في ولاية تيسمسيلت بالجزائر، لكنه تخلى عن معظم ملامح الهوية الجزائرية، حسب ما يراه كثير من النقاد. مسيرته المهنية بدأت كمهندس ومستشار وموظف سامٍ في وزارة الصناعة قبل أن يتحوّل إلى الكتابة الأدبية.صنصال دخل عالم الكتابة من أوسع أبوابه، لكنه أثار الجدل منذ البداية بتناوله مواضيع حساسة حول العشرية السوداء. ومع ذلك، يرى منتقدوه أنه “انتحر ثقافيًا” حينما أدرج الجزائر، شعبًا وتاريخًا، ضمن مادة أدبية تُقدَّم كجزء من سردية ترضي فرنسا الاستعمارية.في كتابه قرية الألماني، أثار الكاتب جدلاً واسعًا حيث ربط الثورة الجزائرية بالنازية، ما دفع العديد من المثقفين الجزائريين إلى اعتباره مثالاً لـ”زناة التاريخ”، كما وصفه الكاتب رشيد بوجدرة.علاقات مثيرة للجدل: فرنسا وإسرائيل والمخزنعُرف صنصال بزيارته لـ”إسرائيل”، حيث كان ضيف شرف في معرضها الدولي للكتاب، وهو ما اعتبره كثيرون تجاوزًا لكل الخطوط الحمراء، خاصة أنه استغل المناسبة للترويج لروايته التي أساءت للثورة الجزائرية.وفي الآونة الأخيرة، أثار مزيدًا من الجدل بتصريحاته الداعمة للمخزن المغربي، إذ وصف المغرب بأنه “إمبراطورية تاريخية”، وادعى أن أراضي جزائرية شاسعة اقتطعتها فرنسا لتضمها إلى الجزائر المستقلة.ماذا وراء الحملة الفرنسية؟يرى مراقبون أن الحملة الفرنسية الأخيرة بشأن صنصال ليست سوى حلقة جديدة من محاولات باريس للضغط على الجزائر، في سياق توتر العلاقات بين البلدين منذ الصيف الماضي.بينما تسعى فرنسا لتقديم صنصال كرمز ثقافي وإنساني، يعتبره كثير من الجزائريين شخصية فقدت صلتها بوطنها واختارت الإنحياز لروايات استعمارية.
